إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
محاضرة بعنوان شكر النعم (2)
16385 مشاهدة print word pdf
line-top
الإكثار من عبادة الله تعالى

وهكذا أيضا مِن شُكر الله تعالى: كثرة عبادته، نقول: إن الشاكرين لله تعالى هم الذين يعبدونه بكل العبادات، العبادات المستحبة، والعبادات الواجبة، بهذا يكونون من الشاكرين، ومن الذاكرين؛ فنوصيكم بالإكثار من العبادة، والاشتغال بها.
نوصيكم أولا: بكثرة ذكر الله تعالى، أمرنا الله بأن نكثر من ذكره؛ قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ وقال تعالى: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أي: أكبر من كل شيء، وقال تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ليس ذكر الله كلمة واحدة؛ قول لا إله إلا الله، بل ذكر الله: كل شيء يُذكِّر بالله؛ فأكثروا من ذكر الله.
أوصيكم أيضا بأن تكثروا من دعاء الله؛ تدعونه ليلا ونهارا، سرا وجهارا، تسأل ربك كل شيء حتى تسأله ملح طعامك، حتى تسأله أقل حاجة لك؛ حتى ييسرها لك؛ فإنه لو شاء لحرمك ولم يعطك شيئا، ولم يهبك، بل هو -سبحانه - مسبب الأسباب؛ تسأله جميع حاجاتك، وتدعوه، وتكثر من دعائه الدعاء الأخروي، تدعو الله تعالى الدعاء الأخروي؛ فتسأله مغفرة الذنوب، وستر العيوب، ومحو السيئات، وتسأل ربك سبحانه؛ تسأله العفو والعافية في دينك ودنياك، وتكثر من سؤال الجنة، ومن الاستعاذة من النار؛ بذلك تكون حقا من الذاكرين لله سبحانه، ومن الداعين له.
وأوصيكم أيضا باستغلال أوقات الفراغ في تعلم القرآن؛ فإن عندكم وقت فراغ ليس فيه شيء من الاشتغال، فهذا الوقت تستغلونه في قراءة القرآن، والحمد لله أن حكومتنا -أيدها الله- أولت العلم عناية كبيرة؛ فالطفل إذا تم سبع سنين أو نحوها ذكرا وأنثى؛ فإن الحكومة جعلت من يعلمه، ومن يوليه، فأنتم وكذلك أولادكم وأولاد أولادكم قد تعلمتم القراءة، وتعلمتم الكتابة، وتعلمتم جانبا لا بأس به من العلم الذي تتنورون به، تنورون به بصيرتكم، وتَعْلَمون كيف تعبدون ربكم، ما بقي علينا إلا أن نستغل أوقات الفراغ، نستغلها في الشيء الذي ينفعنا، وأهم شيء منها: قراءة القرآن، مَنَّ الله علينا -والحمد لله- بهذه الدولة التي أولت القرآن عناية، فَمَليكنا -حفظه الله ووفقه- أسس في هذه البلاد هذا المجمع في هذه المدينة؛ مجمع الملك الذي يعتني بطبع المصاحف؛ يطبع منه مئات وعشرات الألوف، وألوف الألوف، وتوزع وتمتلئ بها المساجد، وتمتلئ بها الأماكن خارج المملكة وداخلها؛ فأصبحت المصاحف ميسرة في متناول الأيدي ما بينك وبين أن تطلبها إلا أن تُفَرِّغ من وقتك كل يوم ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات؛ تجعلها لقراءة القرآن، حفظ ما تيسر منه، وكذلك مراجعة ما حفظته، وكذلك الاجتهاد في حفظه، فإن ذلك من شكر نعم الله، إذا تلا العباد كتاب الله تعالى، واجتهدوا فيه وَفَّقهم الله تعالى وسددهم.

line-bottom